( نوارسُ الله )
نوارسُ الأرض أسراباً أسراب
إلى كفوف الله ترحلُ من ويلاتٍ العذاب
أيا سماء المغفرة أشرعي لهم الأبواب
جاؤوك من فرات المجد رضعاً .. شيباً .. شباب
بعد أن احتسى طغاة الأرض من دمائهم أكواب
وجعلوا أجسادهم الصغيرة
لنيران بطشهم أحطاب
رؤوسٌ ، أيادٍ ، تنبثق من طيّات الخراب
أمهاتٌ تفحّمت قلوبُهن من هول المصاب
في عبونهٍن نورٌ إلهيٌ يبزغ بين الأهداب
أيا من ظننتم أن شهود الجريمة
اندثروا بين السّحاب
أو أنهم أشتاتٌ تأكلُها حُبيبات التُراب
مجانين كنتم ، فنوارس الله وإن غابوا
لهم بعد الغياب إياب
خسئتم أيا من اختزلتم العرب
في حفنة بطاريق تشجب ، تندد
تذرفُ الدمع الكذاب
فأولئك ليسوا بعرب
فقد سقط عن الأمة النِقاب
أسمعُهم بغدادي ، فصوتُ النوارس ينادي
أسمعُهم كصوت البكاء على أوتار الرباب
خوفاً من أن تصبح بغداد عاصمة الضبّاب
ويحكمها الوكر الأبيض
حيث يسكن مسيلمة الكذاب
حزينةٌ بغدادنا ليس لأنها تخشى الذئاب
أو لأنها سَئِمت هذا العذاب
حزينةٌ على أمةٍ نسيت
أن الموت واحدٌ وإن تعددت فيه الأسباب
دور من ياترى غداً ، فكل بلاد العرب تُتهم بالإرهاب
اسمعوا رنين الدفوف في شرايين الطلاب
واقرأوا قصائد الثورة فكم ثورةٍ
ولدت بين حروفِ الكتاب
وكم من أمٍ زفّت رضيعها للواحد الوهاب
وتعلوا زغاريد الشهادة
لتشق سماء الظلم ، تكتسح السحاب
ألا تبت أياديكم أمام أمةٍ تفدي الأرض بالرقاب
ألا تبت أياديكم أمام أمةٍ أعدّت لكم
مقابر في صدور الشباب
انتظرونا فقطارُ الموت آتٍ
انتظرونا فقطارُ الجهاد آتٍ
وشعوب العرب في الوغى تُهاب