سيرة الشاعـــــر:-
أحمد التجاني بن يوسف بن بشير بن الإمام جزري الكتيابي، الشاعر السودانى المعروف ولد في بيئه ذات فضل وثقافة دينية بحتة، بيئة محافظة، ذات تعاليم وتقاليد، وكان مولده في أم درمان عام 1910 موقيل 1912م. ولقب بالتجاني تيمناً بصاحب الطريقة المعروفة، وهذا الطابع الديني ظاهر في شعره الصوفي. ثم دفع وهو صغير إلى خلوة عمه الشيخ محمد الكتيابي، فحفظ القرآن الكريم ومشى في طريقه المرسوم إلى المعهد العلمي في أم درمان فلم ينتقل من الجو الذي عاش فيه وانما ارتقى من درجة إلى درجة، وألم في المعهد بعلوم اللغة العربية والفقه وابتدأ يقرض الشعر بين أنداد له أفذاذ. فصل من المعهد العلمى بسبب ما ما قاله إثر نقاش بينه وزملائه تمت فيه المقارنة بين شعر امير الشعراء أحمد شوقى، وحافظ إبراهيم فقال ما معناه (إن شعر شوقي كفضل القرآن على سائر الكتب) فعمل بائعا في محطه بنزين بعد أن انسدت أبواب مصر بوجهه اتصل بالصحافة ثم اعتكف في منزله وأكب على دراسات عنيفة انحصر جلها في استيعاب كتب الأدب القديم، أو كتب الصوفية والفلسفة، وقد شغلته هذه الدراسات عن نفسه، فدب اليه الوهن إذ أصيب بداء الصدر وظل يعاني المرض والفقر والقهر الاجتماعي والسياسي، وظل يعاني حتى مات رحمـــه الله رحمة واسعة .. ..ودائما ما تجرى المقارنة بينه وبين الشاعر التونسى المعروف أبو القاسم الشابي حيث انهما عاشا في نفس الفترة تقريبا وتشابهت تجربتهما لحد بعيد. صدر له ديوان واحد بعنوان : ((إشراقة))من أشهر قصائده الصوفي المعذب.
ونبدأ اليوم برائعته (المعهد العلمي) وقد صاغها بعد ان فصل منه ورمي (بالكفر والزندقة)ولكل من يجد قصائد للشاعر الكبير نتمنى منه ان يدرجها هنا :-
السحر فيكَ وَفيكَ مِـن أَسبابـه دَعـةُ الـمُـدِل بِعَبقـري شَبابـه
يا مَعهدي وَمَحط عَهد صِباي من دارٍ تَطرّقُ عَـن شَبـاب نابـهِ
واليَوم يَدفَعُني الحَنيـن فَأَنثنـى وَلهان مُضطَرِبـا إِلـى أَعتابِـهِ
سَبق الهَوى عَينيّ في مِضمـاره وَجَرى وَأَجفَل خاطِري مِن بابهِ
وَدَّعت غَضّ صِباي تَحتَ ظِلاله وَدَفنت بيض سني في مِحرابـهِ
نَضّرت فَجر سنـي مِـن أَندائِـهِ وَاشتَرت ملء يَديّ مِن أَعنابِـهِ
هُوَ مَعهَدي وَلَئن حَفظت صَنيعه فأَنا ابن سرحته الذي غَنـى بِـهِ
فَأَعيذ ناشئة التُقى أَن يرجفوا بِفَتى يَمتّ إِلَيـهِ فـي أحسابـهِ
ما زِلت أَكبَر في الشَباب وَأَغتَدي وَأَروح بَينَ بخٍ وَيا مَرحى بِـهِ
حَتّى رُميت وَلَستُ أَول كَوكَـب نَفِس الزَمان عَلَيهِ فَضل شِهابـه
قالوا وَأرجفت النُفوس وَأَوجفت هَلَعاً وَهاجَ وَماجَ قُسـور غابـهِ
كفر ابن يوسف مِن شَفي وَاعتَدى وَبَغى وَلَسـتُ بِعابـئ أَو آبـه
قالو احرقُوه بل اصلبوه بل انسفوا للريح ناجس عظمه وإهابه
وَلَو ان فَوق المَوت مِن مُتلمـس لِلمَرء مُـدّ إِلَـيّ مِـن أَسبابـه