قصيدة البردة أو
قصيدة البُرأة أو
الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية، أحد أشهر القصائد في مدح النبي محمد (صل الله عليه وسلم)، كتبها محمد بن سعيد البوصيري في القرن السابع الهجري الموافق القرن الحادي عشر الميلادي.
[1] وقد أجمع معظم الباحثين على أن هذه القصيدة من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوي إن لم تكن أفضلها، حتى قيل: إنها أشهر قصيدة مدح في الشعر العربي بين العامة والخاصة.
[2] وقد انتشرت هذه القصيدة انتشارًا واسعًا في البلاد الإسلامية، يقرأها بعض المسلمون في معظم بلاد الإسلام كل ليلة جمعة. وأقاموا لها مجالس عرفت بـ
مجالس البردة الشريفة، أو
مجالس الصلاة على النبي. يقول الدكتور زكي مبارك: «البوصيري بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق، فعن البردة تلّقى الناس طوائف من الألفاظ والتعابير غنيت بها لغة التخاطب، وعن البردة عرفوا أبوابًا من السيرة النبوية، وعن البردة تلّقوا أبلغ درس في كرم الشمائل والخلال. وليس من القليل أن تنفذ هذه القصيدة بسحرها الأخاذ إلى مختلف الأقطار الإسلامية، وأن يكون الحرص على تلاوتها وحفظها من وسائل التقرب إلى الله والرسول»
[3][4]. وعلى الرغم من أن بردة البوصيري لها هذا التبجيل والمكانة الأدبية، إلا أن علماء السلفية عابوا على القصيدة ما يرون أنه غلو في مدح النبي محمد.
سبب نظم هذه القصيدة
يقول البوصيري عن سبب نظمه لهذه القصيدة: كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، منها ما اقترحه عليّ الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير، ثم اتفق بعد ذلك أن داهمني الفالج (الشلل النصفي) فأبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدتي هذه فعملتها واستشفعت بها إلى الله في أن يعافيني، وكررت إنشادها، ودعوت، وتوسلت، ونمت فرأيت النبي فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليّ بردة، فانتبهت ووجدتُ فيّ نهضة، فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحداً، فلقيني بعض الفقراء فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: أي قصائدي؟ فقال: التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولها وقال: والله إني سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأعجبته وألقى على من أنشدها بردة. فأعطيته إياها. وذكر الفقير ذلك وشاعت الرؤيا.
[5]مقطع من القصيدة
| |
محمد سيد الكونين والثقليـ | | ـن والفريقين من عرب ومن عجمِ |
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ | | أبر في قولِ لا منه ولا نعم |
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته | | لكل هولٍ من الأهوال مقتحم |
دعا إلى الله فالمستمسكون به | | مستمسكون بحبلٍ غير منفصم |
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ | | ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم |
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ | | غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ |
وواقفون لديه عند حدهم | | من نقطة العلم أو من شكلة الحكم |
فهوالذي تم معناه وصورته | | ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم |
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه | | فجوهر الحسن فيه غير منقسم |
دع ما ادعثه النصارى في نبيهم | | واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم |
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف | | وانسب إلى قدره ماشئت من عظم |
فإن فضل رسول الله ليس له | | حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم |